خصائص صعوبات التعلم

                       خصائص صعوبالت التعلم


-الخصائص الاكاديمية لصعوبات التعلم:


إن مما يجدر أخذه بعين الاعتبار عند التعرف على خصائص صعوبات التعلم هو أن صعوبات التعلم تمتاز بالتنوع ، وأن التلاميذ الذين لديهم صعوبات تعلم مجموعة غير متجانسة ، كما أن خصائص صعوبات التعلم قد لا تظهر مجتمعة لدى التلميذ الواحد. وهذا وإن لكل تلميذ خصائصه التي تميزه عن الآخرين حتى لو اشترك معهم في ناحية وطبيعة المشكلة Gearheart & Gearheart, 1998, Lerner 1997, Mercer, 1997 .
ولعل تصنيف الجوانب التي تظهر فيها صعوبات التعلم يسهل مهمة عرض خصائصها : فصعوبات التعلم تظهر في النواحي الأكاديمية والفكرية والمعرفية واللغوية والاجتماعية والحركية ، وقد لا تقتصر على ذلك ولكن فيما يهدف إليه هذا الكتاب تعتبر هذه الأصناف من مجالات الصعوبة كافية ، ويمكن إيضاحها على النحو التالي :

1- الخصائص الأكاديمية لصعوبات التعلم :

ينص تعريف صعوبات التعلم على أنها تظهر في المجالات الأكاديمية الرئيسية كالرياضيات والقراءة والإملاء والتعبير التحريري والخط وعليه يمكن ذكر الخصائص التالية تبعاً لتلك المجالات .
أ- خصائص صعوبات التعلم في الرياضيات :

يجد التلاميذ الذين لديهم صعوبات تعلم في الرياضيات صعوبة في التفكير الكي اللازم لمعرفة الكميات ، وبالتالي في مفاهيم الأعداد والأرقام ومدلولاتها الفعلية Vukovic, Siegel, 2010 ومعرفة الحقائق الرياضية كالجمع والطرح الضرب والقسمة : كما قد يجد التلاميذ صعوبة في معرفة قيم الخانات والتسلسل التصاعدي أو التنازلي للأرقام والأعداد وكتابة أو قراءة الأعداد المكونة من خانات متعددة .
ومن ناحية أخرى يواجه بعض التلاميذ صعوبة في معرفة معاني الرموز الرياضية ذات المدلولات المحددة مثل علاقات العمليات الأربع ( + ، - ، × ، ÷ ) بينما قد يواجه البعض الآخر مشكلة في التمييز بين الأرقام المتشابهة كتابة مع اختلافها في الاتجاه مثل ( 2 ، 6 ) ، وفي وضع الأرقام تحت بعضها البعض في خط عمودي عند حل مسائل الجمع والطرح هذا وقد يصعب على عدد من التلاميذ الذين لديهم صعوبات تعلم في الرياضيات إدراك الفروق بين الأشكال الهندسية وخاصة المتشابهة والعلاقة بين الأطوال والأوزان .
أما فيما يتعلق بحل المسائل اللفظية ، فيظهر أن كثيراً من التلاميذ الذي لديهم صعوبات تعلم يجد صعوبة كبيرة في حل المسائل اللفظية ، حيث قد تشكل لغة المسألة مشكلة لمثل هؤلاء التلاميذ بالإضافة إلى عوامل أخرى مثل القدرة على تحديد المطلوب ، ومتابعة أفكار المسألة ، وتذكر المعلومات السابقة لربطها بما يحلق بها ، إجراء العمليات الحسابية اللازمة للحل .
ولعل لمعالجة المعلومات والخصائص المعرفية مثل إدراك المفاهيم الرياضية وفك الرموز اللغوية والذاكرة العاملة وسرعة المعالجة دوراً كبيراً في بعض مشاكل الرياضيات Vukovic, Siegel,2010 فيظهر لدى عدد من التلاميذ سرعة نسيان الأرقام والأعداد وكيفية إجراء العمليات الحسابية ، وتذكر الحقائق الرياضية كجداول الضرب وغيرها من الحقائق ، والتعليمات المرفقة بالحل ونحو ذلك .

ب- خصائص صعوبات التعلم في القراءة :

تظهر صعوبات التعلم في القراءة على أشكال متنوعة ، فمن بين التلاميذ من يجد صعوبة بالغة في الوعي بالأصوات اللغوية وفي الربط بين شكل الحرف وصوته ، وفي تكوين كلمات من مجموعة من الحروف وفي التمييز بين الحروف التي قد تختلف اختلافات بسيطة في شكلها مثل الباء والنون إذا وردت في أول الكلمة خاصة ، وبين التاء الياء في نفس الموضع والضاد والصاد ( ض ، ص ) وما جاء على هذا النحو ، كما يجد البعض الآخر صعوبة في فهم ما يقرأ ولو كانت قراءته الظاهرية سليمة ويشير Hock وآخرون 2009 إلى أن هذه الصعوبات تعيق تقدم التلاميذ في جميع مراحل التعليم على كافة مستويات القراءة .
هذا ويظهر بين التلاميذ من يجد صعوبة في التعرف السريع على الكلمات وفي تحليل أو تهجي الكلمات الغريبة لغرض نطقها . كما أن هناك من يواجه مشكلة كبيرة في معرفة وتذكر علامات التشكيل ومدى تأثيرها على نطق الأصوات الكلامية التي تُمثَّل بالحروف الهجائية .
أما حذف بعض الحروف وإضافة البعض الآخر ، أو إبدال بعض الحروف ببعض ، أو تشويه نطقها ، فمن الخصائص التي قد تظهر على قراءة عدد من التلاميذ كما قد يعكس بعضهم الحروف أو بقلبها مع أن هذا يبدو نادراً جداً وخاصة بعد الصف الثالث الإبتدائي ومن بين المظاهر الملاحظة على سلوك بعض التلاميذ عدم التمييز بين الألف واللام إذا وردت الألف في وسط الكلمة حيث إن بعض التلاميذ ينطقها – في الغالب – على أنها لام .
هذا ويجد بعض التلاميذ الذين لديهم صعوبات القراءة بسرعة وسهولة أمراً شاقاً فيظهر عليهم التكلف في القراءة Scheltinga, Van der
Leij & Strniksma, 2010 وينبه 2010 Spencer & Manis أنه حتى ولو تعلم التلاميذ المهارات الأولية كفك الرموز الكتابية فإن المرونة في القراءة تبقى مشكلة كبيرة لعدد من التلاميذ الذين لديهم صعوبات تعلم مستمرة إلى المراحل المتوسطة والثانوية من التعليم الأساسي 
.
ج- خصائص صعوبات التعلم في الإملاء :

إن شيوع مشاكل الإملاء بين التلاميذ بشكل عام ، أمر مألوف لدى التربويين وأولياء الأمور ، وهذا لا يستغرب لأسباب عديدة من أهمها صعوبة مهمة الإملاء وقلة العناية بتدريسها . ومع هذا فإن هناك خصائص تظهر على كتابات التلاميذ الذين لديهم صعوبات تعلم ، منها ما قد يكون مرتبطاً بمشكلة القراءة ، ومنها ما يتعلق بمشاكل في الخط ، ومنها ما يكون مستقلاً بذاته Natasha, Nola, & Chris, 2005 ، فمن أهم مظاهر صعوبات التعلم في الإملاء الخطأ في كتابة الكلمات شائعة الاستخدام ، وصعوبة تميز الأصوات المتشابهة وبالتالي الخطأ في الكتابة المطابقة لما قبل ، هذا بالإضافة إلى الحذف والإضافة والإبدال ، فهي تظهر في الإملاء كما تظهر في القراءة ويشترك التلاميذ الذين لديهم صعوبات تعلم مع غيرهم من عامة التلاميذ في الأخطاء الشائعة مثل عدم التمييز كتابة بين التاء المفتوحة والتاء المربوطة ، والخطأ في كتابة الكلمات التي تبدأ باللام الشمسية والخطأ في مواضيع الهمزات ، وعدم التمييز أثناء الكتابة بين النون والتنوين وبين الحركة الحرف ، إلاّ أن التلاميذ الذين لديهم صعوبات تعلم تتميز أخطاؤهم بالاستمرارية أي أن زوالها صعب وقد تستعصي إذا لم يكن هناك تدخل متخصص وممارسة على مدى طول يمتد إلى المرحلة الجامعية والحياة الوظيفية بعد ذلك ففي دراسة قام بها Maughan وآخرون 2009 تبين أن مشكلات الإملاء التي كانت لدى الشباب في سن المراهقة بقيت لديهم بعد ثلاثين سنة ، أوصى الباحثون بضرورة الاستمرار في ممارسة القراءة والكتابة .

د- خصائص صعوبات التعلم في التعبير التحريري :

يشكل التعبير التحريري ، وهو من وسائل التواصل الهامة ، مهمة صعبة للتلاميذ الذين لديهم صعوبات تعلم ، وربما يعود السبب في ذلك إلى عوامل كثيرة منها كونه نشاطاً فوق معرفي يتطلب وجود ثروة علمية لدى التلميذ وحصيلة من المهارات والاستراتيجيات المتعلقة بالكتابة والقدرة على التنسيق بين مجموعة من المعالجات الفكرية Walker, Shippen, Alberto, Houochins & Cihak,2005 ويذكر Walker وآخرون 2005 بعد مراجعتهم الدراسات في هذا الخصوص أن من أبرز الخصائص التي تظهر على كتابات التلاميذ الذين لديهم صعوبات تعلم قصر المقالات وقلة الأفكار وعدم ترابطها وضعف / قلة المفردات المستخدمة ، فيجد هؤلاء التلاميذ صعوبة في التخطيط للكتابة وتوليد الأفكار وترتيبها ترتيباً منطقياً ، وتحديد الأفكار الرئيسية والمساندة ، كما يجدون صعوبة في المراجعة والتصحيح وفي آلية الكتابة كالإملاء والخط .هذا وتشكل سرعة الكتابة عقبة أمام التلاميذ الذين لديهم صعوبات تعلم ، حيث إن منهم من يعاني من صعوبة في الكتابة باليد مما يؤثر سلباً على جودة وطول المقال Berniner, Abool, Augsberger & Garcia, 2009 .
وأضافوا أن هؤلاء التلاميذ يتوقفون عن الكتابة قبل اكتمال الموضوع ، كما يجدون صعوبة في توليد عبارات متعددة حول الفكرة الواحدة بل يكررون المعلومات ويكتبون أفكاراً لا علاقة لها بالموضوع .

هـ- خصائص صعوبات التعلم في الخط :

يعتمد الخط اعتماداً كبيراً على عنصرين أساسيين هما السرعة والوضوح ، وهذه من النواحي التي يجد التلاميذ المعنيين صعوبة في تحقيقها Berninger et al. 2009 .فالكثير ممن لديهم صعوبات تعلم يكتب بخط غير واضح أي أن الحرف لا يعطي حقه في الرسم ، فلكل حرف خصائص تميِّزه عن غيره في الشكل ، كما قد تظهر صعوبة التعلم في عدم القدرة على التحكم في حجم الحرف حيث قد يكون صغيراً لا يمكن قراءته أو كبيراً لا يتناسب مع بقية الحروف أو مع ما هو مقبول . وكذلك يجد بعض التلاميذ صعوبة في التحكم في حجم الفراغات بين الحروف المفصولة أو بين الكلمات .
هذا ومن المظاهر الأخرى لصعوبات التعلم في الخط الانحراف عن السطر إما إلى أعلى أو إلى أسفل ، وكذلك الميلان المخل عن الخط العمودي للحروف الرأسية .
ومما يستحق الذكر أن بعض التلاميذ يعاني من صعوبة في تحريك القلم حركة مرنة ، ومنهم من يجد صعوبة في الإمساك بالقلم وفي التآزر بين العين واليد .

و- خصائص صعوبات التعلم في المواد الأخرى :

قد لا تقتصر مظاهر صعوبات التعلم على المواد المذكورة أعلاه بل تمتد إلى كل ما يحتاج إلى تعلم ، فالعديد من التلاميذ يجد صعوبة في تعلم المواد الدراسية المختلفة ، ففي الحقيقة أن صعوبات التعلم مشكلة في التعلم وليس في القراءة والرياضيات فحسب ، فصعوبات التعلم في القراءة والرياضيات ما هي إلا مظاهر للمشكلة ، فالذي كان سبباً في مشكلة الفهم في القراءة مثلاً ، قد يكون سبباً للصعوبة في فهم غيرها من المواد الأخرى ، ولا شك أن صعوبة التعلم في القراءة تضاعف حجم مشكلة المواد الأخرى ، حيث إن القراءة من أهم الوسائل الأساسية في التعلم .
إن من أهم مظاهر صعوبات التعلم في المواد الأكاديمية الأخرى ضعف كثير من التلاميذ الذين لديهم صعوبات تعلم في استخدام الاستراتيجيات اللازمة لفهم المادة الدراسية وتذكر المعلومات Butler, Beekinghan & Lauscher,2005 فكثير من هؤلاء التلاميذ يفتقد استراتيجيات تنظيم المعلومات وربط الأفكار وتحديد المعلومات الهامة ومقارنة المادة الحالية بما قد يعرفه مسبقاً ، مما دفع كثير من العلماء في المهتمين إلى يجاد استراتيجيات تخدم دراسة وفهم محتوى المواد الأكاديمية وخاصة في المراحل المتقدمة من الدراسة Deshler et al, 2009 كما أن تنظيم الذين لديهم صعوبات تعلم وبالإضافة إلى هذا يجد هؤلاء التلاميذ مشكلة في كيفية الاستعداد للاختبارات وكذلك في كيفية أخذها .





كتاب/صعوبات التعلم والإستراتيجيات المعرفية.

د/إبراهيم بن سعد أبو نيان.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق